وداع ...
عينان من خوف وحزن راعَها وجه الرّحيل، وساعدٌ يدنو بكفهِ فوقَ منسأةِ تطاول عمرها.
إيهٍ بنيّ!!
قد جئتُ أحملُ بين راحيّ العبارات المزركشةَ بأوجاع الوداع، ومقلتي ثكلى أحاولُ زجرها فتفرّ منّي مثلما أطيارِ حقلٍ جاسهُ الصيّاد يبحثُ عن قطا.
أمضي وتسجنني الشّفاه فأنطوي في حبسها...
يا هل تُرى!!
أيزلُّ من شفتيّ وعدٌ أنْ أراك؟؟
وكيف لي أنْ أوفيَ الوعد، وما ظنّي بأنّي قد وهبتُ لوجهكَ الدرِّي ما يوحي بأنّي قد أراك!
ويعيثُ بي قلبٌ تمزّق بالضياع وبالنحيب، وتعتريني رجفةٌ، ويموج في صدري نداء:
هذا الوداع المرُّ لا يُرضيهِ إلا أنْ يمزّقَ روح من أحببتُ من دون انتهاء...
وأسيرُ مشفوعاً بفقدٍ غُصْتُ في طيّاته مثل الغريق، ولستُ أنظر للوراء،
وصوتكَ المحمومُ يلتهمُ المسافةَ والزمان:
ستعودُ يوما!!
كيف لا !!
سأعودُ لك.... أو ربما بعضي يعود!
وتغيبُ عن عينيْ، وقلبي لا يغادره الأنين،
ونسمة توحي لروحي سرَّها:
ما الوعد إلا رفةٌ سَكرى لأرياشِ الحمائم حينَ تبحرُ في الفضاء.